30 - 09 - 2025

ضوء | (بلير) ما بين العراق وفلسطين

ضوء | (بلير) ما بين العراق وفلسطين

ما أشبه الليلة بالبارحة، فهل سيكون مصير فلسطين مثلما آل إليه العراق أم أسوأ؟

للتذكير لعل الذكرى تنفع المؤمنين.

- نشرت الصحف الدولية الكبرى بعد العدوان الأمريكي الأوروبي الصهيوني على العراق (تقرير تشيلكوت)، الذي أثار ضجة في كل دول العالم، والتي أصبحت مهتمة بترجمة وتحليل كل كلمة جاءت في التقرير، حول قانونية الحرب على العراق، التي قادتها أمريكا وبريطانيا، ومعها ثلاثين دولة عربية وأجنبية، وبدون تفويض من مجلس الأمن.

ونستعرض مختصر التقرير:

- يتكون التقرير من ١٣ مجلداً، وحوالي ٦ آلاف صفحة، بتكلفة 10 ملايين جنيهاً إسترلينياً، وهو عبارة عن تقرير لمشاركة بريطانيا في الحرب على العراق، واستغرق إعداده من ٢٠٠١ وحتى ٢٠٠٩.

- يصف التقرير الحرب على العراق بأنها (معيبة)، ومن الناحية القانونية غير شرعية، أي إنها حرب همجية ظالمة.

- يشير التقرير أن العراق لم يكن يشكّل خطورة على العالم في أسلحة الدمار الشامل.

- تسلّم (بلير) من المخابرات البريطانية قبل ٨ أشهر من الحرب تقريراً يؤكد أن العراق لا يمتلك أسلحة الدمار الشامل.

- كشف التقرير تصريح  (بلير) من خلال اتصال هاتفي مع (بوش) قائلاً: (أنا معك في كل الأحوال)، أي نحن معكم في الحرب حتى لو كانت غير قانونية ولا شرعية.

- أكدت لجنة التفتيش عن أسلحة الدمار الشامل في تقريرها على عدم وجود أي دليل، بعد زيارة ٥٠٠ موقعاً عراقياً.

- اعتذر (بلير) عن مقتل (١٨٩) جندياً بريطانياً، ومقتل (١٥٠) ألف مدنياً عراقياً، ولم يعتذر عن قتل مئات الآلاف من الجنود العراقيين.

- يشير التقرير أن اللجنة إلتقت في بغداد (بالجعفري وعلاوي) في عام ٢٠١٠، وكلاهما يحملان الجنسية البريطانية، وشغلا منصب رئيس الوزراء بعد الحرب.

- ظهر تيار بريطاني بعد الحرب، يطلب إقصاء (توني بلير) من مجلس مستشاري الملكة، وإلغاء اسمه من قائمة رؤساء وزراء بريطانيا.

- البريطانيون يعتبرون أن العراق أصبح بعد الحرب أسوأ من قبلها بكثير، وكذلك الإرهاب أصبح أكثر قوة وخطورة على العالم وبريطانيا.

الخلاصة: لا يوجد بيت عراقي لم يحترق بنار تلك الحرب الظالمة، والتي راح ضحيتها مئات الآلاف من المواطنين، إضافة إلى هجرة الملايين، وهدم الأحياء والمدن، وتقسيم البلاد وسرقة ثرواته.

لم تتول الدولة العراقية المطالبة بالتعويضات للدمار الذي لحق بكل فرد من أفراد الشعب.

إن تدمير العراق وأضعافه هو مؤامرة حاكها الغرب، وساندها عملاء من الداخل والخارج.

والنتيجة: واقع مرير، ومستقبل مجهول، وثروات منهوبة، وممتلكات مسروقة، وآلاف الضحايا من الأبرياء، وكفاءات هُجّرت وسُجنت وقُتلت، وأرامل وأيتام ازدادت، وأخلاق وقيم اجتماعية تدمرت، وأزمات وكوارث ومعاناة تكاثرت، وصراعات وفتن تفاقمت، وتقاتل على السلطة والمناصب استشرت، وفساد ومطامع تطاولت.

وماذا أصبح حال الوطن العربي بعد سقوط بغداد؟

وماذا أصبح حال الأنظمة العربية بعد سقوط دمشق؟

وماذا بعد خطة ومجلس السلام برئاسة (ترامب) وبمشاركة (بلير) في ٢٩ سبتمبر ٢٠٢٥؟

والتي كما يُقال أنها بادرة من أجل نيل (ترامب) على جائزة السلام العالمية، والتي ربما تكون مناصفه بينه وبين النتن ياهو!

هذه معايير الحرب والسلام عندهم، وهذه مفاهيم الحق والباطل لديهم.

والسؤال: هل يتكرر المشهد الآن في غزة والضفة والقدس خاصة؟ هل هي تصفية نهائية للقضية الفلسطينية؟ وهل هذا هو السلام العالمي الأبدي المنشود؟
-------------------------
بقلم: د. أنيسة فخرو
سفيرة السلام والنوايا الحسنة
المنظمة الأوروبية للتنمية والسلام


مقالات اخرى للكاتب

ضوء | (بلير) ما بين العراق وفلسطين